وصية عمر الشتوية
كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا حضر الشتاء تعاهدهم وكتب لهم بالوصية:
"إنّ الشتاء قد حضر، وهو عدو فتأهبوا له أهبته من الصوف والخفاف والجوارب،
واتخذوا الصوف شعارًا (الملابس الداخلية) ودثارًا (الملابس الخارجية)، فإنّ
البرد عدو سريع دخوله بعيد خروجه".
غنيمة العابدين وربيع المؤمنين
عن عمر رضي الله عنه قال: "الشتاء غنيمة العابدين". [رواه أبو نعيم بإسناد صحيح].
قال ابن رجب: "إنّما كان الشتاء ربيع المؤمن لأنّه يرتع في بساتين الطاعات ويسرح في ميادين العبادات وينزه قلبه في رياض الأعمال الميسرة فيه".
ومن كلام يحيى بن معاذ: "الليل طويل فلا تقصره بمنامك، والإسلام نقي فلا تدنسه بآثامك".
و عن ابن مسعود رضي الله عنه أنّه قال: "مرحبًا بالشتاء، تنزل فيه البركة ويطول فيه الليل للقيام ويقصر فيه النهار للصيام".
ومن درر كلام الحسن البصري قال: "نعم زمان المؤمن الشتاء ليله طويل يقومه، ونهاره قصير يصومه".
وعن عبيد بن عمير رحمه الله أنّه كان إذا جاء الشتاء قال: "يا أهل القرآن! طال ليلكم لقراءتكم فاقرؤوا، وقصر النهار لصيامكم فصوموا".
الغنيمة الباردة
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة» [رواه أحمد وحسنه الألباني].
قال الخطابي: "الغنيمة الباردة أي السهلة ولأنّ حرارة العطش لا تنال الصائم فيه".
قال ابن رجب: "معنى أنّها غنيمة باردة أنّها حصلت بغير قتال ولا تعب ولا مشقة، فصاحبها يحوز هذه الغنيمة بغير كلفة".
فحري بك اقتناص هذه الغنيمة لاسيما في الأيام الفاضلة مثل الاثنين والخميس أو الأيام البيض ونحو ذلك.
نـــفــس الشــتــــاء
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اشتكت النار إلى
ربها فقالت: يارب أكل بعضي بعضًا فأذن لي بنفسين، نفس في الشتاء ونفس في
الصيف، فهو أشد ما تجدون من الحر، وأشد ما تجدون من الزمهرير» [متفق عليه]، والمراد بالزمهرير شدة البرد.
قال ابن رجب: "فإنّ شدة برد الدنيا يذكر بزمهرير جهنم".
وهذا ما يوجب الخوف والاستعاذة منها، فأهل الإيمان كل ما هنا من نعيم وجحيم
يذكرهم بما هناك من النعيم والجحيم حتى وإن شعر القوم بالبرد القارس
فيدفعهم هذا إلى تذكر زمهرير جهنم، ويوجب لهم الاستعاذة منها، ويذكرهم
بالجنة التي يصف الله عزوجل أهلها فيقول عزوجل: {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً} [الانسان: 13].
قال ابن رجب: "فنفى عنهم شدة الحر والبرد".
قال قتادة: "علم الله أنّ شدة الحر تؤذي وشدة البرد تؤذي فوقاهم أذاهما جميعا".
فيدفعهم هذا إلى النصب وإلى التهجد فكل ما في الدنيا يذكرهم بالآخرة.
ما يقال عند رؤية السحاب ونزول المطر
عن عائشة أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ناشئًا في أفق السماء ترك العمل وإن كان في صلاة ثم يقول: «اللهم إني أعوذ بك من شرها» فإن مطر قال: «اللهم صيبًا هنيئًا» [رواه أبودواد بسند قوي]، وعند البخاري «اللهم صيبًا نافعًا»، وعند البخاري ومسلم «مطرنا بفضل الله ورحمته».
الناشئ: السحاب الذي لم يتكامل اجتماعه ... الصيب: هو المنهمر الذي يأتي دفعة واحدة.
الدعاء لا يرد وقت نزول الـمـطـر
قال صلى الله عليه وسلم: «ثنتان ما تردان : الدعاء عند النداء ، وتحت المطر» [رواه الحاكم وحسنه الألباني].
قال المناوي: "أي لا يرد أو قلما يرد فإنه وقت نزول الرحمة".
من فعل النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول المطر
عن أنس رضي الله عنه قال: أصابنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مطر فحسر
- أي كشف - رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه حتى أصابه المطر فقلنا يا
رسول الله: لم صنعت هذا؟ قال: «لأنّه حديث عهد بربه» [رواه مسلم].
ما يقال خشية التضرر عند زيادة المطر
قال صلى الله عليه وسلم في مثل هذا الحال: «اللهم حوالينا ولا علينا، اللهم على الآكام والضراب وبطون الأودية ومنابت الشجر» [رواه البخاري].
الآكام: التلول المرتفعة من الأرض، الضراب : الروابي والجبال الصغار.
نزع البركة من المطر
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ليست
السنة بأن لاتمطروا ، ولكن السنة أن تمطروا ولا تنبت الأرض شيئًا» [رواه
مسلم]، قال النـووي: "المراد بالسنة هنا القحط".
الفيضانات والسيول
عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الشهداء خمسة .. فذكر منهم الغريق» [رواه البخاري]، أي الغريق وهو الذي يموت غريقًا في الماء.
شرح النووي: "ويستفاد من هذا الحديث في
موضوعنا أنّ من غرق بنتيجة الفيضانات والسيول الجارفة في الشتاء أو غيره
وكان على دين وصلاح وحسن حال يرجى له الشهادة كما هو نص حديث رسول الله صلى
الله عليه وسلم إلاّ أنّه يغسل ويكفن ويصلى عليه".
الاسـتــســقــــــاء
وهو طلب السقيا من الله تعالى عند حصول الجدب بصلاة الاستسقاء أو بالدعاء
المجرد من الصلاة، وسبب الجدب والقحط وارتكاب المخالفات كما أنّ الطاعة سبب
البركات .. قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ
الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ
السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا
يَكْسِبُونَ} [الأعراف: 96].
وكثرة التوبة والاستغفار سبب لنزول الأمطار قال تعالى: {فَقُلْتُ
اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ
عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ
وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَاراً (12) مَا لَكُمْ
لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقَاراً} [نوح: 10-13]، وصلاة الاستسقاء سنة مؤكدة
وتصلى جماعة أو فرادي وهي كصلاة العيد في الأحكام، ألا إنّه يخرج إلى
المصلى متواضعًا متذللاً ولا يتطيب لقول ابن عباس: «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم للاستسقاء متذللاً متواضعًا متخشعًا متضرعًا .... » [رواه الترمذي] ، ثم يصلي ركعتين ثم يخطب ويذكر الناس بالتوبة والاستغفار ثم يرفع يديه لقول أنس رضي الله عنه: «كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يرفع يديه في شيء من دعائه إلاّ في الاستسقاء، وكان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطه» [رواه مسلم]، ثم يدعو ومن أدعية النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهم أسقنا غيثُا مغيثًا ، مريئًا مربعًا نافعًا غير ضار، عاجلاً غير آجل» [رواه الحاكم وصححه الألباني].
الاستسقاء بالنجوم
قال صلى الله عليه وسلم: «أربعة في أمتي من أمر الجاهلية لايتركونهن: الفخر بالأحساب، والطعن في الأنساب، والاستسقاء بالنجوم والنياحة» [رواه مسلم]، المراد بالاستسقاء: نسبة السقيا ومجيء المطر إلى الأنواء وهي منازل القمر.
وعن زيد بن خالد رضي الله عنه قال: «صلى رسول الله
صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح بالحديبية على أثر سماء كانت (أي مطر) من
الليل، فلما انصرف أقبل الناس فقال: هل تدرون ماذا قال ربكم؟ قالوا الله
ورسوله أعلم؟ قال: أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال: مطرنا بفضل
الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكوكب، وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا
فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب» [متفق عليه].
خلاصة الكلام في حكم نسبة المطر
1- كفر أكبر مخرج من الملة: إذا اعتقد أنّ النجوم هي الرازقة للمطر الجالبة له.
2- محرم: إذا اعتقد أنّها سبب لجلب المطر ولكن الرازق هو الله تعالى.
3- مباح: إذا اعتقد أنّ الله هو الرازق لكن النجوم علامة لوقت المطر وهذا يعرف بالتجربة وعادة الناس فلا بأس بذلك.
الجزاء من جنس العمل
قد صح عن ابن عمر مرفوعا: «.. ولم يمنعوا ـ أي العباد ـ زكاة أموالهم إلاّ منعوا القطر من السماء ، ولولا البهائم لم يمطروا» [رواه ابن ماجة وغيره وحسنه الألباني].
وعن بريدة مرفوعا: «.. ولا منع قوم الزكاة إلا حبس الله عنهم القطر» [رواه الحاكم وصححه الألباني].
وعن مجاهد قوله في تفسير آية {وَيَلْعَنُهُمُ اللاعِنُونَ} [البقرة: 159]، قال: "دواب الأرض تقول إنما منعنا المطر بذنوبكم".
ما يقال عند هبوب الريح
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال: «اللهم أني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به» [رواه مسلم].
النهي عن سب الريح
لقوله صلى الله عليه وسلم: «الريح من روح الله تأتي بالرحمة وتأتي بالعذاب، فإذا رأيتموها فلا تسبوها واسألوا الله خيرها واستعيذوا بالله من شرها» [رواه أبوداود وغيره].
والنهي عن سب الريح لأنّها مُسخرة مذللة فيما خلقت له ومأمورة بما تجيء به من رحمة وعذاب.
ما يقال عند سماع الرعد
كان عبدالله بن الزبير رضي الله عنهما إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال:
"سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، ثم يقول: إن هذا لوعيد
لأهل الأرض لشديد". [رواه البخاري في الأدب المفرد وسنده صحيح موقوفًا كما
قال النووي].
إسباغ الوضوء على المكاره
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أدلكم على
ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا بلى يا رسول الله. قال:
إسباغ الوضوء على المكاره، وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد
الصلاة فذالكم الرباط» [رواه مسلم].
قال القاضي عياض: "وإسباغ الوضوء تمامه، والمكاره تكون بشدة البرد وألم الجسم ونحوه".
قال ابن رجب: "فإنّ شدة البرد لدينا يذكر بزمهرير جهنم، فملاحظة هذا الألم الموعود يهون الإحساس بألم برد الماء".
مسألة:
قال الشيخ ابن عثيمين عن بعض المصلين: "لا
يحسرون ـ أي يرفعون ـ أكمامهم عند غسل اليدين حسرًا كاملاً، وهذا يؤدي إلى
أن يتركوا شيئًا من الذراع بلا غسل وهو محرم، والوضوء معه غير صحيح،
فالواجب أن يحسر كمه إلى ما وراء المرفق مع اليد لأنّه من فروض الوضوء".
مسألة
لا بأس بتسخين الماء للوضوء، قال ابن المنذر: "الماء المسخن داخل في جملة المياه التي أمر الناس أن يتطهروا بها". (الأوسط 1/250).
وقال الأبي في (إكمال المعلم 2/54): "تسخين الماء لدفع برده ليقوي على العبادة لا يمنع من حصول الثواب المذكور".
فلا إفراط ولا تفريط والشرع لم يتعبدنا بالمشاق.
المسح على الخفين والجوارب
الخف: ما يلبس على الرجل ممّا يصنع من الجلد.
والجورب: ما يلبس عليها ممّا يضع من القطن ونحوه وهذا المعروف بـ (الشراب أو الدلاغ).
ثبت في السنة المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه كان يمسح على الخفين.
شروط الـمـســح
1- ادخالهما بعد تمام طهارة الوضوء بالماء.
2- أن يكون طاهرين من النجاسة.
3- أن يكون المسح عليهما في الحدث الأصغر لا الأكبر كالجنابة أو ما يوجب الغسل.
4- أن يكون المسح في الوقت المحدد شرعًا وهو يوم وليلة للمقيم وثلاثة أيام بلياليها للمسافر.
توقيت الـمـســح
1- يبدأ المسح من أول مسحه بعد الحدث وتنتهي بعد أربع وعشرين ساعة للمقيم واثنين وسبعين للمسافر لحديث علي رضي الله عنه: «وقت لنا رسول الله في المسح للمقيم يومًا وليلة وللمسافر ثلاثة أيام بلياليها» [رواه مسلم].
2- إذا انتهت المدة وهو على طهارة لم تنتقض طهارته لكن ينتقض مسحه.
صفــة الـمـسـح
أن يمسح الخف أو الجورب من أعلاه من أطراف الأصابع إلى ساقه لقول علي رضي الله عنه: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يمسح ظاهر خفيه» [رواه أبو داود].
المسح على العمائم في الحدث الأصغر
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه مسح على العمائم. [رواه الترمذي]
والعمائم هي عمائم المسلمين المحنكة ـ أي المدارة تحت الحنك ـ أو ذات ذؤابه
ـ أي التي لها طرف مرخي ـ أمّا الصماء غير المحنكة ولا ذات ذؤابة وهي
عمائم أهل الذمة فلا يصح المسح عليها، ويدخل في العمائم ما يلبس في أيام
الشتاء من القبع الشاملة للرأس والأذنين، وفي أسفله لفه على الرقبة فإنّه
مثل العمامة لمشقة نزعه ومثله خمار المرأة المدار تحت حلقها، وأمّا الغترة
أو الشماغ أو الطاقية أو الطربوش فلا يسمح عليه لأنّه لا يشق نزعه.
التبكير عند شدة البـــرد
عن أنس رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتد البرد يبكر بالصلاة ، وإذا اشتد الحر أبرد بالصلاة» [رواه البخاري في الأدب المفرد وصححه الألباني].
قال المناوي عن التبكير: "أي بصلاة الظهر يعني صلاها في أول وقتها وكل من أسرع إلى شيء فقد بكر إليه".
قال ابن قدامة في المغني: "ولا نعلم في استحباب تعجيل الظهر من غير الحر والغيم خلافا".
قال الترمذي: "وهو الذي اختاره أهل العلم من
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم: لأنّ المقصود من الصلاة
الخشوع والحضور وشدة البرد والحر مما يشغل المصلي".
الأعذار المسقطة للجمعة والجماعة
يعذر بترك الجمعة والجماعة في الشتاء من حصل له من الأذى بمطر يبل الثياب
ومعه المشقة أو وحل (أي الطين) أو ثلج أو بريح باردة شديدة لقول ابن عمر
رضي الله عنه: «كان النبي صلى الله عليه وسلم ينادي مناديه في الليلة الباردة أو المطر : صلوا في رحالكم» [رواه البخاري].
الجمع بين الصلاتين
يباح الجمع بين الصلاتين (الظهر والعصر) أو (المغرب والعشاء) في وقت أحدهما
تقديمًا أو تأخيرًا للأعذار السابقة المسقطة للجمعة والجماعة ولو صلى
الرجل في بيته إذا كان من أهل الجماعة، وأما المرأة والرجل المريض لا يصح
جمعهم في بيوتهم.
والجمع رخصة عارضة للحاجة إليه لدفع المشقة عن المسلمين، ولذلك لم يفعله
النبي صلى الله عليه وسلم إلاّ مرات قليلة، والحاجة والمشقة تختلف في
تقديرها باختلاف الزمان والمكان والأشخاص، لذلك قال ابن عباس رضي الله
عنهما: «جمع النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة بين الظهر والعصر والمغرب
والعشاء من غير خوف ولا سفر ولا مطر .. أراد ألاّ يحرج أمته» [رواه مسلم].
التلثم عند البرد في الصلاة
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنّه نهى عن السدل في الصلاة، وأن يغطي الرجل فاه. [رواه أبو داود وغيره].
قال الشيخ ابن باز رحمه الله: "يُكره التلثم في الصلاة إلاّ من علة".
لبس القفازين للبرد في الصلاة
يجوز لبس القفازين وهو أحد أقوال الشافعي وبه قال النووي، وأما استدل بالمنع لحديث مسلم: «أمرت أن أسجد على سبعة أعظم» فيستدل به على كشف اليدين، والرد عليه أنّ الركبة كذلك مغطاة بلا ريب فلا حجة في ذلك، قال ابن جبرين: "يجوز للرجال والنساء لبس القفازين في الصلاة فإنّه يحتاج إليه لبرد ونحوه".
الصلاة على الراحلة أو السيارة خشية الضرر
قال شيخ الاسلام: "وتصح صلاة الفرض على الراحلة خشية الانقطاع عن الرفقة أو حصول ضرر بالمشي".
وقال ابن قدامة في المغني: "وإن تضرر بالسجود وخاف من تلوث يديه وثيابه وبالطين والبلل، فله الصلاة على دابته، ويومئ بالسجود".
وقال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم وبه يقول أحمد واسحاق
إطفاء النّار والمدفئة قبل النـــوم".
عن أبي موسى رضي الله عنه قال: احترق بيت في المدينة على أهله، فحدث بشأنهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال: «إنّ هذه النار إنما عدو لكم فإذا نمتم فأطفئوها عنكم». وعن ابن عمر أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون» [رواهما البخاري ومسلم].
وقال الحافظ بن حجر: "وحكمة النهي هي خشية الاحتراق"، ثم قال: "قيده بالنوم لحصول الغفلة به غالبًا، ويستنبط منه أنّه متى وجدت الغفلة حصل النهي.
فيستفاد منه الحذر الشديد من إبقاء المدافئ مشتعلة حالة النوم والحوادث لا تخفى في ذلك فتبنه.
الصـــلاة جهــــــة النـــار
يكره الصلاة جهة النّار مشتعلة ولو شمعة لما فيه من مشابهة المجوس، ولأنّها
تلهي المصلي وقد روى ابن شيبة عن ابن سيرين: أنّه كره الصلاة إلى التنور
أو بيت النار، ومنه دفايات النّار المشتعلة (الجاز أو الغاز) بخلاف دفايات
الزيت أو الكهرباء فلا بأس.
كذلك لو وضعت هذه الدفايات المشتعلة في غير قبلة المصلي فلا بأس بها والله أعلم.
النهي عن ســب الحمى
عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أم السائب فقال: «مالك يا أم السائب تزفزفين؟ قالت: الحمى لا بارك الله فيها. فقال: لا تسبي الحمى فإنّها تذهب خطايا بني آدم كما يذهب خبث الحديد» [رواه مسلم].
معنى تزفزفين: أي تتحركين حركة سريعة ومعناه
ترتعد، ففي الحديث النهي عن سب الحمى وكراهة التبرم وأن الحمى تكفر الخطايا
والمناسبة مع الموضوع واضحة وذلك أنّ في
الشتاء تكثر الحمى.
فائدة:
قال ابن القيم رحمه الله عن الحمى: "وأما
تصفيتها القلب من وسخه ودرنه وإخراجها خبائثه فأمر أطباء القلوب ويجدونه
كما أخبرهم به نبيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن مرض القلب إذا صار
ميؤسًا من برئه، لم ينفع فيه هذا العلاج، فالحمى تنفع البدن والقلب وما كان
بهذه المثابة فسبه ظلم وعدوان". أهـ.
وهذا لا ينافي أنّ العبد يبذل السبب في علاجها ولأنّ لكل داء دواء إلاّ الموت كما أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم.
سلسلة العلامتين