قال تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ
الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولا نَبِيًّا * وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ
بِالصَّلاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} (مريم:
54-55).
ويترجح لدينا أن الله أرسله إلى القبائل العربية التي عاش( عليه السلام)
في وسطها، وقد ذكر المؤرخون أن الله أرسله إلى قبائل اليمن وإلى العماليق.
أبرز ما تعرض له المؤرخون من حياته عليه السلام ما يلي:
لما بلغ إبراهيم (عليه السلام) من العمر (86) سنة ولدت له أمَته المصرية
(هاجر) ابنه إسماعيل. وهذه الأَمَة هي التي كان فرعون مصر قد وهبها لسارة
زوجة إبراهيم( عليه السلام)، فوهبتها سارة لإِبراهيم لعل الله أن يرزقه
منها بولد، إذ كانت هي حتى ذلك التاريخ عقيماً لم تلد، إلا أنها ولدت بعد
ذلك إسحاق، ببشارة الملائكة لإِبراهيم (عليه السلام).
أَمر الله إبراهيم( عليه السلام) أن يسكِن ولده الصغير (إسماعيل) وأمه في
وادي مكة، فسافر بهما إلى هذا الوادي، وأسكنهما فيه طاعة لله تعالى، وانصرف
عنهما عائداً إلى الشام، واستودعهما عند الله تعالى يرعاهما برعايته،
ويكلؤهما بحفظه.
ولما نفد الماء الذي كان معهما، اشتد الظمأ بالصبي، سعت أمه بين الصفا
والمروة باحثةً عن الماء، لعل الله يخلق لها من الشدة فرجاً، فأرسل الله
الملك فبحث في مكان زمزم فتفجر الماء، ولما رأت ذلك أقبلت وسقت ولدها
إسماعيل، وقد امتلأ قلبها سروراً وفرحاً.
أحست قبيلة (جُرْهُم) (وهي من القبائل العربية) بأن الوادي أصبح فيه ماء،
فوفدت إليه وضربت فيه خيامها إلى جانب الماء، بعد أن استأذنت من هاجر أم
الصبي.
شب إسماعيل وتعلم اللغة العربية، وتزوج امرأة من(جرهم)، ثم طلقها بإشارة من
أبيه، لأن إبراهيم(عليه السلام) اختبرها فوجدها شاكية متضجرة من شظف العيش
وشدته، ثم تزوج بأخرى.
قالوا: وقد ولد لإِسماعيل اثنا عشر ولداً ذكراً وكانوا رؤساء قبائل (ومن
نسله جاء العرب الذين يعرفون بالعرب المستعربة) كما ولدت له بنت زوجها من
ابن أخيه عيسو(العيص) بن إسحاق.
ثم أمر الله إبراهيم (في منامه) أن يذبح ولده إسماعيل ابتلاءً لهما، فعرض
الأب الرحيم على ابنه التقي البار أمر الله، فقال إسماعيل: (يا أبت افعل ما
تؤمر)، وباشر تنفيذ أمر الله، إلاّ أن الله تعالى فداه بذبح عظيم جاء به
الملك جبريل عليه السلام.
وقد عمل إسماعيل مع أبيه إبراهيم في عمارة الكعبة المشرفة بيت الله الحرام، وقاما بأداء مناسكهما كما أمر الله تعالى.
عاش إسماعيل (عليه السلام )(137) سنة، ومات بمكة ودفن عند قبر أمه هاجر
بالحجر، وكانت وفاته بعد وفاة أبيه بـ (48) سنة. والله تعالى أعلم.
وقد قص الله علينا في كتابه العزيز جوانب من حياة إسماعيل (عليه السلام)،ومن أهمها:
إثبات نبوته ورسالته، وأن الله أوحى إليه وأنزل إليه طائفة من الشرائع الربانية.
إثبات أخلاقه الكريمة التي منها: صدق الوعد والصبر، والثناء عليه بأنه من
الأخيار، ومن صبره عليه السلام طاعته وامتثاله أمر الله بذبحه، الذي أمر به
أباه إبراهيم عليه السلام.
مشاركته لأبيه إبراهيم في رفع القواعد من البيت الحرام، وفي التجاءاته
ومناجاته لله تعالى، وفي أن الله عهد لهما أن يطهرا البيت للطائفين
والعاكفين والركَّع والسُّجود.
وعد الله بأن يكون من ذريته أمة مسلمة وأن يبعث فيهم رسولاً منهم.
والله تعالى أعلى وأعلم:
قال تعالى:
بسم الله الرحمن الرحيم:
وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا ﴿٥٤﴾
وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا ﴿٥٥﴾